اتفاق سايكس - بيكو وخرائطه
5 أيلول 2016
ينشر بسام عبد القادر النعماني السفير اللبناني في تونس حالياً، خمس خرائط لما عرف باتفاق سايكس – بيكو وضعت لتوزيع أراضي الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
يبدو أن هذه الخرائط التي لم ينفّذ منها إلّا شقّها المتعلّق بالأراضي العربية، دون الأراضي التركية الحالية، هي في طريق التغيير حالياً، أي بعد مئة سنة على توقيع الاتفاق، ولمصلحة الدولة التركية التي تسعى الى التوسّع على حساب محيطها العربي، بعدما وضعت اليد سابقاً على أراضٍ أخرى وأُهديت لواء اسكندرون.
وكتب النعماني أنّ الاتفاق هو في الحقيقة "سلسلة من اتفاقات وتفاهمات سرّية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة الامبراطورية الروسية تهدف الى اقتسام الامبراطورية العثمانية في منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، معطوفة عليها تحديد مناطق النفوذ في الدردنيل وغرب آسيا عند انتصار الحلفاء المتوقّع في الحرب العالمية الأولى".
جرت مفاوضات سرية في المرحلة الممتدة من تشرين الثاني 1915 الى أيار 1916 بين الديبلوماسي الفرنسي فرنسوا جورج بيكو والبريطاني السير مارك سايكس ووزير الخارجية الروسي سيرغي سازونوف، وتوجت بتبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية الدول الثلاث، تحت التسمية الرسمية آنذاك "اتفاقية آسيا الصغرى"، لكن شاع اسمها "اتفاقية سايكس – بيكو".
وسبق توقيع هذا الاتفاق، التوصّل إلى اتفاقين سريّين تحت اسم "اتفاقية القسطنطينية" في آذار 1915، و"مذكرة لندن" في نيسان 1915. و"عندما علمت الديبلوماسية الايطالية بشكل ما بهذه الترتيبات، طلبت الانضمام اليها بشكل سرّي، تم تكريسه لاحقاً في اتفاق رابع هو "معاهدة سانت جان دي موريان" في حزيران 1917، علماً أنّ "فرنسا وبريطانيا تنصّلتا لاحقاً من تنفيذها".
وعندما استولى البلاشفة على الحكم في روسيا عام 1917 كشفوا عن مجمل هذه الاتفاقات السرية الأربعة، مما أثار ضجّة عالمية، وعربية عكست حالة من خيبة الأمل من الوعود البريطانية المخالفة لمراسلات حسين – مكماهون.
حظيت روسيا في ما سمّي "اتفاقية القسطنطينية" باسطنبول، وضمنت سيطرتها على ضفتي البوسفور ومساحات كبيرة في شرق الأناضول في المناطق المحاذية للحدود الروسية – التركية، لكنها في الواقع لم تحصل على أي شيء من ذلك، بعدما تمكّنت بقايا الدولة العثمانية من لململة قواتها والانتصار في معركة غاليبولي والمحافظة على أراضي تركيا الحالية.
أمّا منطقة الهلال الخصيب فقسِّمت كي تحصل فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي للهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. ومدّت بريطانيا مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسّعة شرقاً لتضم بغداد والبصرة أي المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرّر أن تكون فلسطين تحت إدارة دوليّة محايدة يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا ونص الاتفاق على منح بريطانيا ميناءي حيفا وعكا.
ومنطقة الهلال الخصيب هي التي تتعرّض حالياً لهجمات شرسة قد تؤدّي الى تقسيمها مجدّداً بعد مئة سنة من تقسيمها الأول. لكن هل يقتصر التقسيم والتفتيت عليها، أم يشمل محيطها الواسع؟
عند التدقيق في خرائط سايكس – بيكو يتّضح أنّها تطرّقت فقط إلى منطقة الأناضول وسوريا والعراق ولبنان والأردن، أمّا سائر الولايات العربيّة في شبه الجزيرة العربيّة إلى الجنوب من خط العرض 31 فبقيت خارج إطار الحدود التي رسمت عليها الخريطة. وفي بعض الخرائط الانكليزية كان يشار الى المنطقة جنوب خط العرض 31 بأنها تحت النفوذ البريطاني.
ويشير النعماني الى الاختلاف في التسمية بين اتفاق أو اتفاقية أو معاهدة. كما يشير الى اختلاف في الترجمات العربية للاتفاق. ويحدّد أن أول خريطة تصويريّة نشرت للاتفاق عام 1924، فيما نشرت الخريطة الرسمية عام 1960.
وينشر الخريطة الأصليّة التي وضعت في 8 أيار 1916، والخريطة الرسمية للاتفاقات السرية الأربعة لتقسيم الدولة العثمانية 1917، والخريطة الرسمية للاتفاقية الرابعة السرية "سانت جان دي موريان" 1917. وكانت تدخل تعديلات أو تضاف تقسيمات جديدة، ترضي الأطراف.
0 تعليقات:
ارسال التعليق