تحميل.....

عقد ونصف من عولمة الإرهاب ومكافحته

منذ 3 أيام

عقد ونصف من عولمة الإرهاب ومكافحته

إن المعلومات الواردة في هذا الموقع متاحة للجميع، ويمكن إعادة استخدامها بشرط الإشارة إلى المصدر: الموقع الالكتروني لكلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية - الجامعة اللبنانية
 
د. خليل حسين
أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي في الجامعة اللبنانية

لم يكن الإرهاب قضية استثنائية أو  أمرا عارضا في حياة الأمم والشعوب والدول، فقد ظهرت أشكال وأنواع متعددة، ووقفت خلفها مسببات ومبررات كثيرة، لكن ما حدث بداية الألفية الثالثة ، شكَّل منعطفا خطرا في حياة البشرية ومستقبل الإنسانية على كوكبنا. وإذ اتسمت العمليات الإرهابية سابقا بطابع محدود ، اتجهت مع أحداث 11 أيلول 2001 طريقها نحو عولمة الإرهاب  ، وانتشاره في أطر ووسائل ذات نزعات متوحشة ، طالت مكونات المجتمع البشري ذاته. فقد ضرب الإرهاب معظم دول العالم وشعوبها، حتى في مجتمعات كانت بعيدة كل البعد عن تداعياته، فالذي حصل في الولايات المتحدة، في 11 أيلول اعتبر سابقة في حياة الأمة الأميركية وقيمها ، إذ لم تتعرض لأي عمل إرهابي من خارج أراضيها كما من داخلها بهذا الحجم والنوع والأبعاد.
وخلال عقد ونصف تمدد الإرهاب واتخذ أشكالا اشد عنفا ,وأضخم خطرا وهولا، وبخاصة بعد بروز تنظيم القاعدة ونشوء تنظيم داعش، وتفريخ عشرات التنظيمات الإرهابية التابعة لهما، ووصل الأمر في بعض التنظيمات ، تمكنها من السيطرة على مساحات واسعة وإمكانات وموارد ضخمة وحتى كيانات سياسية، فماذا حدث في المقابل؟
بداية صدرت مجموعة من القرارات الدولية كانت بداياتها مع القرار الشهير 1373 الذي حوّل دول العالم إلى نيابات عامة لدى مجلس الأمن ،ورغم إجماع دول العالم على الوسائل التي اتبعت ، تضخمت العمليات الإرهابية في غير مكان، ما استدعى مزيدا من القرارات والاتفاقيات، لكن التدقيق في حيثياتها، تظهر عدم قدرة هذه الاتفاقيات والقرارات الدولية على مواجهة الإرهاب بالشكل الأمثل والقضاء عليه؛ ومرد ذلك أن خصائص الإرهاب الجديد ، اتخذ أنماطا يصعب احتوائها من جهة، وقدرة بعض الجهات الدولية والإقليمية على استثمار بعض هذه التنظيمات في خلال إدارتها لبعض الأزمات الإقليمية.
فالقرارات الدولية تحكّم فيها العديد من الاعتبارات في مجلس الأمن ، واستغلت بعض الدول الكبرى للعديد من الظروف ، بهدف التخفيف من حدة النصوص، وبالتالي ظهور بعض التراخي في مواجهة الإرهاب وتنظيماته، ما أعطى فرصا أخرى لتمدد العمليات الإرهابية وانتشارها. مثال القرارات المتعلقة بتنظيم داعش التي صدرت خلال العامين 2015 و2016، وبخاصة القرار 2170 و2199، إذ ظهر التشدد في الأول والتراخي في الثاني ، مراعاة لظروف بعض الدول الفاعلة في الأزمة السورية.
لقد تمكنت بعض الدول الإقليمية الكبرى من استغلال بعض التنظيمات الإرهابية واستعمالها كفزاعة في مواجهة شعوبها، فغذتها وفسحت المجال لها بالتمدد الجغرافي والسيطرة على الكثير من الموارد بهدف تكوين البيئة المناسبة لاستمرارها، والأغرب من ذلك ، أن بعض هذه الدول أنشأت شراكات تجارية واسعة معها، بحكم تقاطع المصالح، وعدم القدرة على التفلت منها.
اليوم، يبدو الإرهاب وتنظيماته والمتعاملين معه سرا وعلنا،  الأكثر قدرة على التفلت من أساليب ووسائل المواجهة التي رُسمت لمكافحة الإرهاب، ذلك بفعل تشابك وتقاطع التحالفات الحاصلة في العديد من الأزمات الإقليمية والفرعية المتصلة بها، وقدرة اللاعبين الأساسيين والفرعيين على استثمار واستغلال البيئات المكوِّنة للإرهاب والإرهابيين بأكلاف متواضعة.
في المقابل، وبعد عقد ونصف على عولمة الإرهاب، نحن بحاجة إلى ابتداع واجتراح الحلول والوسائل الناجعة لمواجهة الإرهاب، بعدما وصل التهديد إلى المجتمع البشري ذاته، الذي يعتبر علة الوجود . إن أحد أبرز أسباب فشل الأمم المتحدة وعدم قدرتها على مواجهة المشاكل الدولية الكبرى ، عدم امتلاكها لجيش خاص يخضع لسلطتها، ورغم صعوبة تحقيق ذلك، إلا أن الدول ومجتمعاتها مطالبة اليوم بإنشاء مثل هذه القوة لحماية نفسها من الانقراض إذا جاز التعبير، بل أن الدول القادرة على التحكم في الأمم المتحدة ، مطالبة بتشكيل مجلس خاص لمواجهة الإرهاب وإعطائه صلاحيات استثنائية كالممنوحة لمجلس الأمن تحديدا، ربما هذه المطالب يوتوبية، لكن خطورة الأمر تستدعي مثل ذلك. 

تحميل

0 تعليقات:

ارسال التعليق